الهوية الايزيدية ......الى أين /ج3
سرهات شكري باعدري
أشرنا سابقاً الى التعريف العام للهوية وأهمّ المقومات
والاسس التي تبنى وترتكز عليها لتصل الى مأربها. كالمعتقدّ، ألآرض ،الاسم ،الفرد ،اللغة وماالى ذالك ،
في هذا الجزء سوف نتطرّق الى مقوم هام من المقومات التي تبنى عليها هويات الامم والشعوب ،والتي تلعب
دورا رئيساً في نشئتها وتكوينها ألآ وهي الجغرافية: أذاً الجغرافية تعرفّ بأنه العلم الذي يدرس الأرض والظواهر الطبيعية والبشرية عليها، ويعود أصل الكلمة إلى اللغة
الإغريقية، ترجمتها بالعربية "وصف الأرض. ويقسم هذا العلم الى ثلاثة أقسام وهي:
الجغرافية الطبيعية ،الجغرافية البشرية ،علم الخرائط
،وهنا سوف نركز على القسم ألآخر الجديد من هذا العلم وهو (الجيوبوليتك )الذي تلعب
السياسة الدور البارز في نشأته ومدى تأثيره على تكوين الامم بحدّ ذاتها. الموقع
الجغرافي للايزيدية والسياسات التي استخدمت منذ التأريخ بحقهم أثرت بشكل سلبي في
عدم قدرتهم على انشاء هوية خاصة بهم ومن الجدير بالاشارة اليه هنا أن التغير الديموغرافي الذي حصل بحق الايزيديين
يمتد جذوره التاريخية الى ما يقارب اكثرمن عشرة قرون وما زال العمل ساري المفعول
بحقهم .
حيث بدأت الطلاع الاولى أبان تلك الحملة الشرسة التي قام
بها (نادر شاه) على الموصل شاه إيران
من 1736م إلى 1747م، ومؤوسس الأسرة
الأفشارية التي
حكمت إيران . وحينها كانت الغالبية من القرى القريبة من الموصل من معتنقي الديانة الايزيدية
ومن ضمن هذه الحملة شارك عدد كبير من الكرد الحسينين اي ما يعرف ألان( بالشبك ) والذين
مازالوا يستوطنون في المناطق الايزيدية
بعد أن فروا اهلها الى المناطق الاخرى ويرجح الكثير بأن تسمية الشبك جاء من
هذه الهيئة الديموغرافية التي رسمت حول القرى الايزيدية على شكل شبكة للحيلولة من
تغير جغرافيتهم وقطع الطريق عنهم للوصل الى الموصل .
لوتصفحنا تاريخ
المكون الايزيدي فأن ذاكرة الفرد الايزيدي تتواري ومعها لا تفارقه رائحة الدم
والظلم والتعسف والتغير الممنهج في أقصائهم منذ عددة قرون، وجاءت الحملات العثمانية لتزيد
من طيننا بلة ومن ثم الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الحرب العالمية الثانية.
وتوجت الفترة الذهبية للاقصاء الايزيدية ومحو هويتهما الفترة التي استلم حزب البعث
زمام الامور واظن بان هذه الفترة معروفة لدى القاصي والداني ولا يحتاج الدخول في
تفاصيلها وهي الفترة التي عرفت بفترة التعريب عندما أجبر الايزيديين على ترك قراهم
وأستوطنوا عوضاً عنهم العرب .وبرحيل الطاغية لم تتوقف الحملات الديموغرافية التي
تغيرت شكلها لكن المضمون هو نفس المضمون بدلاً أن تستقطع الاراضي أجبروا
ألآيزيدية بالهجرة تحت ذرائع متعددة لترك ديارهم وأستوطنوا الاكراد
المسلمين ،وهناك مدن كثيرة شاهدة على ذالك مثل شيخان وسنجار عند التمَعنّ في
أحصائيات فترة السبعينات والان يظهر لك المخطط الاثم والفرق الشاسع جلياً وبوضوح.
كما لاحظنا جميعاً عن كثب في الفترة الاخيرة المشروع
الديموغرافي الذي برزت بوادره في مشروع بعشيقة السكني ، تحاول كل الجهات بأن تقلص
الدور الايزيدي في مناطق سكناهم للحد من تحديد هويتهم. أن المراد من القول هنا أو
كما يقال في العامية زبدة الموضوع هو أن ألايزيديون الان هم ّ بمثابة فريسة واقعة بين مطرقة الاكراد وسندان الحكومة
المركزية ومؤخرا تحت رحمة داعش الارهابية
. الكل يريد ان يأخذ حصته من هذه الكعكة وما يبقى من الفضل الزائد هي حصيلتهم والاسباب واضحة بوضوح الشمس .
هنا وبعد الابادة الجماعية التي تعرضنا اليها يتطلب منا جميعاً في هذه المرحلة الحاسمة أن نجري التغير الحقيقي الذي يبدء بوادره من
داخل الانسان الايزيدي ، حيث يقول المثل بأن البيضة أذا كسرت من الخارج يبدء حياتها نحو
الفناء ،أما اذا كسرت من الداخل فأن الحياة يدائبها مجدداَ. ما برح جغرافيتنا تحدنا من أن يكون لنا هويتنا
الخاصة يجب أن نسعى ونبذل كل الجهود في
أنشاء منطقة ذاتية أسوة ما تبغيه بقية الاقليات في منطقة سهل نينوى لكي يضمن لنا الحياة
والعيش الكريم ،و تكون بمثابة منطقة ادارية خاصة
لهذا المكون . ليفرض وجوده واستقلاليته في أتخاذ القرارات ورسم مستقبل لآبناءه المتشردين .
لكن يبدوا أن
الرياح السياسية تجري في المنطقة بعكس ما
يرغب به ألايزيديين في تحقيق هذا الامل
المنشود الصعب المنال بحكم الصراع القائم في المنطقة بين الاتجاهات والميول
السياسية والتي سوف تجعل من المناطق الايزيدية كبش الفداء مستقبلاً وخصوصاً منطقة
شنكال والرغبة الجامحة للكثير من أهلها بمغادرة العراق والهجرة الجماعية التي
يطالبون بها والتي تعكس بدورها الجانب السلبي من كل النواحي وتعجزهم عن التفكير في
أيجاد روئية جديدة بعد الاحداث التي تعرضوا اليها ويبقى
أملهم الوحيد في اطار الهجرة ،وهذه الهجرة لا تتحقق لآنها ليس بالآمر
الميسور كما يتوقعه الغالبية وكأنها فسحة، وأن تحققت فأنها ستكون بمثابة الانصهار في بودقة المجتمعات الغربية ويعرضنا الى مرحلة التصادم الحضاري.
القشَة الوحيدة التي سوف تنقذنا من الغرق هي تلك المقاومة
الايزيدية القائمة في الجبل أذا أنتهجت نهجاً مبرمجاً وأيدولوجية لكن أن الضبابية التي تطغي عليها وخوف أحتوائها
من قبل الاحزاب المتصارعة على الكعكة ألايزيدية وهذا ما بدء جلياً في بعض اللقاءات مؤخراّ ورفع
البعض الشعارات والصور من قبل السيد خيري
شنكالي في نهاية المطاف هي التي جعلت بأن
نشعر بأن الفأر يلعب بعبء ألآيزيدين على قول المصرين و يرجعنا الى المربع ألآول من
دون اي تغير يذكر وندور في حلقة فارغة كالمعتاد من دون الادارك في مسار واتجاه هويتنا التي هي في طريق الاضمحلال والضياع الى اين تتجه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق